مشكلتنا العاطفية عند استخدام الضمير “نحن”. من نحن؟
من نحن؟ قد يبدو الجواب واضحاً منذ البداية وهذا وهم كبير منذ البداية.
كثير من أصدقائي في حلب كانوا يشعرون بكلمة “نحن” أعمق ما يمكن عندما يُقصد بها أشهرُ فريق كرة قدم في حلب: فريق “الإتحاد”, بينما كان هناك أصدقاء آخرون يشعرون بكلمة “نحن” أعمق ما تكون عندما يقصدون بها فريق “الحرية”! ولذا كان بعض الأصدقاء الحلبيين يُسر وبعضهم يتضايق عندما يربح أحد الفريقين على الآخر!
ولكن لنمضِ قليلاً في الماضي. كان اسم فريق “الاتحاد” بالأصل هو “الأهلي” الذي ارتبط بالفريق “الأهلي” المصري أيام الوحدة والعواطف الجياشة التي تربط إقليمي الجمهورية العربية المتحدة : “سوريا” و “مصر”.. ومن المضحك أن تغيير اسم النادي من الأهلي إلى “الاتحاد” قد جاء بعد “الانفصال” أي فصل اقليمي الجمهورية عن بعضهما : سوريا ومصر. كان اسم “الاتحاد” خدّاعاً للمشاعر فالاسم نفسه ساعد على تفريق ما يسمى ب “السوري” عمن يسمى ب “المصري”..
الانتماء العاطفي قد يجعل الإنسان مُنفعلاً مساهماً في التخريب:
مع تغيير اسم النادي (الأهلي) في حلب إلى الاسم الجديد البرّاق: “الاتحاد” جاءت الأسماء الثورية للنوادي الرياضية في سوريا بعد انقلاب البعث الأول أو ما سُمي بثورة الثامن من آذار عام 1963 كنادي “الحرية” و”الكرامة” و”الوحدة” و “الطليعة” وغيرها. وبما أن الانتماء للنادي عميق وبما أن المفترض أن يتعادى فريق “الحرية” مع فريق “الاتحاد” وبما أن اللون الرسمي لنادي الاتحاد هو “الأحمر” بينما اللون الرسمي لنادي “الحرية” هو الأخضر فما كانت تسلم إشارة مرور حول الملاعب في البلد. بعض مشجعي “الاتحاد” يحطمون اللون الأخضر وبعض مشجعي “الحرية” يحطمون اللون الأحمر وربما بعض الحياديين بالعدوى يحطمون اللون الأصفر (البرتقالي)! ولذا كانت إشارات المرور محمية بشبك معدني بشكل خاص حول ملعب الحمدانية في حلب.
في الحقيقة لم يكن أحد من أصدقائي من مُشجعي الكرة قد اختار فعلاً اسم أو طبيعة ناديه بعد تفكير وتمحيص، بل كان هناك واقعٌ أكبر منه لم يُفكر به يوماً به. هذا الواقع هو الذي وجّهه ليؤيد فريق “مدينته” أو “حيّه” وغالباً ما كان هذا التأييد يعني تطوير مشاعر سلبية تجاه النوادي الأخرى.
هل الانتماء للوطن والقوم والدين والطائفة بنفس أسلوب الانتماء للنادي مفيد أم مدمر؟
ولو أني عبّرت عن انتمائي لعائلتي وطائفتي وديانتي ومدينتي ودولتي بنفس أسلوب تعبيري عن انتمائي للنادي هل هذا سيحل المشكلة الكبيرة؟ أم هو نفسه سيكون جزء اًمنها؟
وهل هناك ناد كبير بحجم المشكلة الكبيرة كي يحتشد مشجعوه لحلها؟
هل يوجد مشكلة حقاً بين مشجعي الاتحاد والحرية؟
من نحن؟
هل نحن مشجعو فريق الاتحاد أم الحرية؟
هل نحن مشجعو حلب أم حمص؟
هل التعبير عن التشجيع يكون بتحطيم شيء ما؟ أو بالصياح؟
هل تشجيعي لفريق منطقتي ولو كان تشجيعًا راقياً هو الذي ينجيني ويحل مشكلتي؟
هل تبدو هذه الأسئلة متأخرة بعد أن قامت وسائل الإعلام بتحويلنا من مشجعين لأندية كرة القدم المحلية إلى مشجعين للأندية العالمية؟ دون أن نلتفت ربما للأندية السياسية العالمية التي تلعب بصمت!